الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان: بين براعة بارك شان ووك وصدق أندريا أرنو وجدوى هذا وذاك

نشر في  15 ماي 2016  (21:37)

 بقلم الناقد طاهر الشيخاوي- مراسلنا بمهرجان كان السينمائي   

بارك شان ووك مخرج كوري ذاع صيته منذ شريط «أولد بوي»، فكان مستوى إنتظارنا مرتفعا نسبيا لما أتانا خبرُ مشاركته في المسابقة الرسمية.

فيلم «آنسة» الذي يشارك في المسابقة مقتبس من رواية للكاتبة البريطانية صارا واترز، تجري أحداثُـها في الفترة الفكتورية. قصة مشوقة تدور أطوارها أساسا بين ثلاث شخصيات، رجل وامرأتين، رئيس عصابة داهية ومحتال  يُخطط للاستيلاء على ثروة هيديكو فتاة ارستقراطية تعيش مع عمها.

يلتجئ المحتال إلى سوكي فتاة فقيرة متمرّسة على الغش ويتدخل لدى العم لتشغيلها كمعاونة لهيدكو. ويتمثل المخطط بالنسبة إلى سوكي في إقناع الست الأرستقراطية بعد الحصول على ثقتها بالزواج من الشاب المحتال، ولكن الأمور لن تسيير كما اشتهاها هذا الأخير.

تجري الأحداث في اتجاه نحسب أنه الصحيح ثم يُـعيد المخرج سرد الحكاية في الجزء الثاني فنكتشف أنها سارت في اتجاه معاكس وكذلك الأمر في الجزء الثالث.

تنقلب في كل مرّة وجهةُ النظر ونكتشف مدهوشين (حسب مخطط الراوي) أن الساذجة تبينت أخبث من الخبيث إلخ.

أشياء كنا اكتشفناها مع أُرسن ويلز ثم كوروزاوا وتكررت في تاريخ السينما مع تارنتينو وغيره. إلاّ أن بارك شان ووك يضيف للحكاية بعدا اروتيكيا يظهر في علاقة الفتاتين ببعضهما بعضا وعناصر أخرى مثيرة.

لا يمكن أن ننكر جمال الصورة وحنكة المخرج في التلاعب بتقنيات السرد ولكن مع الأسف لا يتجاوز الأمر تلك الحدود: مخرج بارع ولكن براعته تكاد تتوقف على عرضها.

«اميريكان هوني» للمخرجة البريطانية أندريا أرنو

 أما في ما يخص أندريا أرنو المخرجة البريطانية فالأمر يختلف إلى حدٍّ.

تحصلت مرتين على جائزة لجنة التحكيم سنة 2006 وسنة 2009، وبقي «فيش تانك» عالقا في أذهان المتابعين للشأن السينمائي لما يحمله من إلتزام ينمُّ على وعي حاد بقضية الفتيات ضعيفات الحال منها بالخصوص.

رجعت اندريا ارنو للدورة 69 لمهرجان كان بشريط «اميريكان هوني» وبولعها بموضوع المراهِقة المهمَّشة وان اشترك شريطها مع «آنسة» في الطول (تقارب مدته ثلاث ساعات)، فإنه يختلف عنه في عمقه ومعالجته السينمائية.

هو أول تجربة للمخرجة في الولايات المتحدة الأمريكية. تواكب أندريا أرنو "ستار" فتاةً في الثامنة عشر من العمر في تنقلها عبر غرب أمريكا بمعية مجموعة من الشباب. يشتغلون كلهم في  بيع الإشتراكات لمجلات متعددة. يعيشون في حالة تنقل مستمر على هامش المجتمع، يمرحون ويغنون ويرقصون تهزهم حيوية فائقة ورغبة جامحة في الحرية متجاوزين أحيانا القواعد الإجتماعية القائمة ومتحدين القيم المحافظة.

تنفصل ستار عن عائلتها بمجرد التقائها بجاك أحد أفراد المجموعة واعجابها به منذ اللحظة الأولى. اختارت اندريا ارنو ان تلتصق بـ"ستار" طوال الفيلم تماما كما التصقت "ستار" بالشاب جاك في تماهي مطلق جعل الكاميرا تتحرك في خفة وسرعة تحاكي خفة وسرعة الشخصية.

والطريف في الحكاية هو قوة شخصية "ستار" التي مع اندماجها في المجموعة بقيت إلى حد كبير تتمتع بهامش من الحرية، فهي تعيش على هامش الهامش، تُحركها رغبة قوية في الوجود الأمر الذي وضعها في صراع مع رئيسة الفريق كريستال. شريط مؤثر ولطيف ولكنه مع الأسف يشكو طولا أحيانا غير مبرر.